السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بكم في مدونة - ديمومة- أدام الله عليكم الصحة والسعادة والسلام


ملاحظة: يمنع نسخ أو اقتباس أي مادة من هذه المدونة بدون إذن صاحبها





السبت، 20 يونيو 2020

مهاجرون من الارض الى الفضاء !!





في الفترة الماضية تابعت على اليوتيوب بعض الحلقات لأحد "اليوتيوبيون " المهاجرين والذي استقر به الحال في الغرب كلاجيء سياسي .. كان مدون يجيد التعبير وله حضور جيد في وسط الشباب. قبل فترة قرر هذا المدون ان تكون له قناة على اليوتيوب وبادر في برنامج مقابلات للمهاجرين من امثاله.


اللقاءات التي تابعتها كانت لمهاجرين أو بمعنى آخر لاجئين الى الدولة التي يقطنون بها وتخلّو عن بلدهم الأصل وجنسيتهم بسبب معارضتهم للنظام السياسي فيها... كانت اللقاءات مفتوحة وعفوية واشبه ما تكون جلسة ودية يدردش فيها السائل والمجيب في ذكريات رحلة اللجوء وما قبلها وما بعدها وما احتوتها من الأمور الشيقة والتي أشبة بمغامرة الى المجهول. هذا من جانب ومن جانب آخر أشبه ما تكون بسرد وتوجيه للقابلين على الرحيل من أمثالهم وممن يطمح الوصول الى سماء الحرية – كما يدعون -.


عادة عندما نتابع مقابلات مع لاجئين سياسيين في الغرب او في أي مكان في العالم، فغالباُ تجد أولئك المعارضون يتبعون أحزاب او حركات سياسيه معارضة سواءا في داخل بلدانهم او مدعومة من الخارج. والمعارضات السياسية عادة لا تكون من صنع الخيال وانما هي قائمة على مبادئ واسس وقضايا حية تثير ذلك الاختلاف في الرأي والتوجه. وجمها مرتبطة بالإنسان وحالة معيشته سواءاً على الجانب الاقتصادي او الثقافي او الديني او العرقي ..  فكل تلك الجوانب اذا اهملت من قبل الحكومات او ظهر منها استبداد جانب على آخر، فعادة تظهر الحركات المعادية لها والرافضة لذلك الاستبداد وهو ما يسمى عندئذ بالمعارضة أي معارضين ذلك التوجه من الحكومة فيطالبون الحكومة بالعدل أو بالتنحي لانتخاب حكومة عادلة قادرة على الموازنة وتسيير الأمور.  


نعود الى قناة الأخ المدون واليوتيوبي .. من خلال مشاهدتي لتلك اللقاءات، ومع احترامي لضيوفه الكرام إلا انني لم اجد معهم محتوى صلب قائم على أسس لمعارضتهم في دولة تعتبر الأفضل في الوسط المحيط بها سواءا في سياستها الداخلية او الخارجية. يتكلمون عن قضية حرية التعبير في وسائل الاعلام وفي الوسائل الأخرى كمنصات الانترنت ( المدونات، التويتر، الفيسبوك، .. الخ) وأن هناك قمع متمثل في الاعتقالات من الأجهزة الأمنية لهم عندما انتقدوا الحكومة في بعض الأمور ، ومسائلات ومراقبة لصيقة بهم جعلتهم في وضع أجتماعي غير جيد وغير مستساغ مما جعلهم يقررون الهجرة الى الخارج أملا بوجود حرية التعبير وخروج ما في مكنوناتهم هناك .. هذا هو مختصر ما فهمته من قضيتهم


لا أعرف عنهم كثيرا .. ولست بمهتم للبحث عن ما كانوا ينشرون لأعرف قضيتهم عن كثب، فقط كنت اريد أن افهم كيف يفكرون وما هي الأسس – ان وجدت – في معارضتهم ، هل هو ظهور فكر جديد أو يتبعون حركة معينه لها مطامع في المنطقة ويستغلون فئة الشباب ما دون الخامسة والعشرون لزرع فيهم مبادئ تجعلهم يعتنقونها ويصبحون مغمورين في نشرها وتقوية شوكتها كما حصل في الحركات الرأسمالية والشيوعية وغيرها


في الحقيقة لم اجد شيئا من ذلك !! .. الضيوف لم يكونوا بالمثقفين الواعين بمعناه الحرفي ، وأكرر مع احترامي لفكرهم، فعندما نتابع مثلا بعض المعارضين العرب او الأجانب على قنوات التليفزيون وهم يسردون قضاياهم  نجد بأنهم قارئين محترفين وذو ثقافة واسعة وربما اكاديمين في جامعات مرموقة او أعضاء أحزاب ولهم دعم وبرامج يمشون عليها ..  بينما ضيوف الأخ اليوتيوبي بدت عليهم البساطة وضحالة الفهم السياسي وحتى الثقافي.  حتى ان احدهم أدمن المخدرات والخمور والدخان وهنا ربما إشارة الى الصراع النفسي والفراغ العاطفي الذي يعيشه هؤلاء المهاجرون .. وكأنهم قارئين لرويات بوليسية و تأثرو بها بل وتقمصوا شخصياتها وعاشوا قصتها فتحولت من تأثير لحظي اثناء القراءة الى واقع يعايشونه ويحاولون اقناع المجتمع بما هم فيه! .. قصصهم اشبة بمن يعاني من اضطراب في الشخصية ويرى في بعض الشخصيات التاريخية او حتى المعاصرة هي المثل الأعلى ويعيش الحلم ليصبح مثل تلك الشخصية بل ومن كثر تعلقه بها يصبح يعيشها لحظة بلحظة .. فأن كانت تلك الشخصية مصلحة كان خير وبركة اما ان كانت تلك الشخصية مزعجة او مرتدة او مستبدة فهنا يبدأ الطغيان وصراع الأفكار


هذا ما استنبطته من تلك اللقاءات .. وهناك بٌعد آخر ربما يكون له أثر لهذه النتيجة وما آل اليه هؤلاء الشباب ..  إلا وهو المنهج المدرسي الذي لم يحل مشكلات وتساؤلات الجيل الحالي .. فما كان يدّرس في السبعينات لا يفترض ان يكون كما هو بعد التسعينات والالفين .. بعد القاعدة وداعش .. وبعد عزو الكويت والعراق .. وبعد الربيع العربي .. هناك متغيرات كثيرة وتساؤلات كثيرة طرأت وظهرت وباتت بحاجة الى إجابات شافية.


منهج الفلسفة وعلم النفس أصبح ملح جدا ليجد له مكانا له بين المواد الدراسية بل وبقوة .. لانه يخلق السؤال الصحيح ويعطي المنهجية الصحيحة للحصول على الإجابة .. يعلّم الفضول والجرأه في طرح السؤال ويعلم الصبر وتقدير الآخر وبناء الثقة ونقاء التفكير والبصيرة .


منهج التربية الإسلامية بحاجة إضافة فن إجادة الحياة وتكثيف دروس التعايش بين البشر


منهج إضافي يشرح مؤسسات الدولة ونضمها والغرض منها .. يشرح الجانب الأمني والقانوني .. يشرح الحقوق والواجبات .. وغيرها من الأمور التي تجعل الفرد والجماعات على وعي كامل بالنظام


ما يعانيه اؤلئك الشباب هو التيه بين إشكالية الوعي وبين الطموح .. يلجأون الى الشهرة ولفت الأنظار بطرق قد تضرهم وتضر أسرهم وذويهم.  ما يراه هؤلاء بأنه طغيان وتكبر من الحكومة قد يراه آخر بأنه فعل محمود لأمن المواطنين والمقيمين .. ما يراه هؤلاء من سلب لحرية الرأي والكتابه كيفما يشاؤن قد يراه غيرهم هو الحفاظ على لغة الحوار وعدم اثارة الفتن والاتهامات بدون ادلة وبراهين .. وان كانت هناك قضايا بها ادلة فهناك قنوات صحيحة يفترض ان يسلكها صاحب القضية بدون اثارة العامة لقضايا قد تسلك مسلك لا يحمد عاقبته.


تلك اللقاءات لم تشعرني بالارتياح وتعاطفت مع الحال الذي وصل اليه اؤلئك الشباب .. أمل ان لا تتبناهم عصابات تريد البلبلة في المجتمعات .. وآمل ان يكونو على وعي وان لا يصبحوا أداة لنشر الدعايات الباطلة والتهم لبلدهم الأصل.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق