السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بكم في مدونة - ديمومة- أدام الله عليكم الصحة والسعادة والسلام


ملاحظة: يمنع نسخ أو اقتباس أي مادة من هذه المدونة بدون إذن صاحبها





الجمعة، 17 يونيو 2011

صراع الدعاة

الاسلام .. الدين ذو المعجزة الخالدة. لا أدري لماذا عندما أتفكر في حال المسلمين اليوم ومذاهبه وعلمائه وشبابة يزيدني تشتت!! ويجهد ذهني كثيراً  وفي أكثر الاحيان لا أستطيع حتى التعبير عن ما يدور في مكنونات نفسي. الدعاة – وما أكثرهم اليوم – سوقهم اليوم ثري وزبائنهم كثر مع التقدم التقني للاتصالات المرئية والمسموعة والمكتوبة. قنوات التليفزيون والاذاعة والمواقع الالكترونية والمنتديات والمدونات والفيسبوك والتويتر ولا نعلم ما القادم في المستقبل. كل منهم يدعو الى الله والى الهداية للنجاح في الحياة الدنيا والفوز بالآخرة الابدية وهذا هو الاساس في الدعوة ولكن عندما يغوص بعض دعاتنا في خضم المواضيع فتجدهم ينحرفون عن الهدف فيبطنون التسويق لمذاهبهم وأفكارهم ويحاربون إخوانهم الدعاة الآخرين بحجة أو بدون حجة ويرو في انفسهم بأنهم هم الوحيدين على الحق وكأن الاخرين في ضلال!!. فتتحول عملية الدعوة  الى مادة قذرة من شأنها تشتيت الامة بين مذهبية وعنصرية وطائفية وثقافية وسياسية وغيرها.
قبل يومين كنت اتابع احدى القنوات على اليوتيوب، ساءني مشاهدة حلقة لأحد الدعاة المعروفين وهو ينتقد ويشن حملة هجومية شعواء على الدعاة الوسطيين من أمثال د. طارق السويدان ويتهمهم بتمييع الدعوة وضعف خطابهم مع غير المسلمين والغرب خصوصاً، وبدا التعصب الغير محمود واضحا على طريقته في النقد. تمالكت نفسي حتى نهاية اللقاء وبعدها أخذت أتفكر ما الذي يدعو عالم وداعي محترم أن يقود هجوم كهذا على أخوانة الدعاة وعلى الملأ، ما الذي سيجنيه هو من تلك الكلمات الجارحة بحق الغير وما الرسالة الموجهة للمتلقي وهل تخدم الهدف الأسمى من الدعوة الى الله، وأنا كمتلقي اذا ما رددت ما قاله هذا الداعي ونشرت افكاره لأصد الناس عن الاستماع للمدعي عليه هل سيزيدني ذلك قربة ومنزلة من الله وهل سيكتب لي ذلك في حسناتي ويمحو من سيئاتي!!  
أحياناً أفسر مثل هذه الحالات والقصص لهؤلاء وغيرهم هو اصابتهم بداء الحسد والرياء الذي يصيب أغلب بني البشر خصوصا عندما يرزقون بشيء من الوجاهة والسلطة والشهرة، وأحيانا أفسره بداء الاختلاف في وجهات النظر والاتجاهات الفلسفية المختلفة ، وتارةً أخرى أغزي تفسيري الى التحجر وغلق القلب عن التعمق في المناقشة وفهم الآخر والرضا بظاهر النصوص عن مضمونها الدفين. وربما تكون كل هذه التفاسير قد تتجمع في شخص كهذا الداعي المتعصب. الذي أفهمه ان التعصب يخلق طاقة سلبية من شأنها ان تفسد مجتمع بأكمله، من شأنها أن تخلق حرب تبيد الكثير من الابرياء، من شأنها ان تنشر امراض عضوية ونفسية قد يفوق تأثيرها الانسان لتصل الى الحيوان والنبات والمناخ المحيط. التعصب سلوك شنيع لا ينبغي ان يوجد في الدعاة وإلا دعواتهم ستقود الامة الى الضياع.. وهذا ما نعانيه اليوم
قبل أكثر من عشر سنوات ظهر على شاشات التليفزيون وفي قناة أقرأ تحديداً الاستاذ عمرو خالد، بحلقات قصصية عن أصحاب رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. ظهر الاستاذ عمرو بشكل آخر عن الدعاة المعتاد رؤيتهم على الشاشات وفي المساجد حيث كان حليق اللحية ويلبس القميص والبنطلون على عكس الدعاة التقليدين اصحاب اللحي الطويلة والملابس البيضاء، شيء آخر بأن الاستاذ عمرو يتكلم بلهجه سلسة مفهومة ليس في مصر وحسب بل في جميع الدول العربية بينما أغلب شيوخنا كانوا يتكلمون الفصحي التي باتت تصعب على الانسان البسيط العامي فهمها. ما أردت أن اقوله ان تلك الحلقات كانت لها تأثير كبيرًا جداً على الشباب العربي في الرجوع الى الدين والهداية والتمسك باركان الاسلام والحجاب. وفي تلك الفترة تحديدا كان واضحا تزايد تمسك الشباب بالصلاة في المساجد، والعودة الى الاخلاق الاسلامية الفاضلة وأصبح الجميع يتابع الاستاذ عمرو خالد في جميع برامجه اللاحقة، وهو الشيء الذي لم يناله المشايخ والعلماء والدعاة التقليديين.  والعجيب بأن ظهر من أصحاب اللحي والعمائم من يهاجم الاستاذ عمرو ويحرّض الاخرين على عدم إتباعه لعدم إجازته من الأزهر كداعي معترف به!!!!!
مثل هذه الحالات تعطي انطباعاً واضحا بأن هناك فراغ كبير بين التعاليم الدينية الحقة والموجودة في كتاب الله وسنة نبيه  وبين الخطاب الدعوي. الكثير من الكتب تُصدر سنويا والكثير من المحاضرات تعقد يومياً والكثير من المواقع والنقاشات والمؤتمرات وحلقات العمل تدور في كل لحظة وحين ، جهد كبير يبذل ولكن في النهاية يبدو وكأنه يتلاشى في حلقة مفرغة !! وهذا أعتقد هو الجواب لمجموعة أسئلة كثيرة تدور في ذهني.. لماذا الغير مسلمين لا يقتنعون بالإسلام ؟ ولماذا بعضهم يسلم لفترة ويعود بعدها لدينه القديم؟ ولماذا البعض يسلم اسمياً ويضل بعدها يمارس ضلالاته؟ ولماذا بعض المسلمين أنفسهم لا يربطهم بالإسلام غير الاسم فقط؟ لماذا البعض يحرص على الصلاة في المساجد امام الناس من جهة ومن جهة أخرى يمارس الزنا واللواط ويشرب الخمر وهي كلها كبائر محرمة؟ وطالما أن ديننا الاسلامي هو الحق لماذا نغلق حرية الرأي! لماذا لا يناقش الملحد والنصراني والهندوسي وغيرهم؟ لماذا تمنع كتبهم من النشر؟! حتى ان الدول السنية  قليلا ما تجد فيها كتب الشيعة والاباضية والدول الشيعية قليلا ما تجد فيها كتب السنة والاباضية وغيرهم؟! وكذلك المسلسلات والافلام  الغربية تدبلج وتعرض ولا تعرض الافلام الاسلامية من دولة شيعية؟!!
طالما الاسلام على حق.. لماذا تصادر حرية الرأي. لماذا تمنع الكتب وهي علم يحق لكل انسان .. وبأي منطق ؟!!  أم ان العلماء انشغلوا بالحرب فيما بينهم ونسوا دعوتهم !!  تصحيح مسار الدعوة لن يتم طالما لم يصحح الدعاة أنفسهم، وأرى على الوسطيين منهم ممن ينتهج المنطق والفكر الاسلامي الحق ان يعيروا دعوة المؤسسات التشريعية في البلاد الاهمية الأكبر من حلقات المساجد والتجمعات الأخرى لإعادة صياغة ورسم وزارات الاعلام والتربية والتعليم فهي الاساس لنشر الوعي بين المجتمع.