السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بكم في مدونة - ديمومة- أدام الله عليكم الصحة والسعادة والسلام


ملاحظة: يمنع نسخ أو اقتباس أي مادة من هذه المدونة بدون إذن صاحبها





الأحد، 27 سبتمبر 2020

تجربتي مع COVID 19

 

التاسع من شهر أغسطس لهذا العام 2020م لم يكن يوماً عادياً بالنسبة لي. فمنذ الصباح بدأت الاحساس بشعور من عدم الارتياح نفسياً وجسدياً وكأنيي على موعد مع وعكة صحية قادمة. تطور الامر مع وقت العصر الى بدايات الحمى التي كانت على أجزاء متفرقة من جسمي. تحت الابطين، عند الرقبة وكذلك عند الاقدام!! شككت في الامر وانعزلت في غرفة خوفاً من ان القادم هو فيروس كرونا المستجد. وما ان انتصف الليل حتى انتشرت الحمى في كل جسمي وبدأ تأثيرها يزداد شيئا فشيئاً بحرارة شديدة تارة وبرودة شديدة تارة أخرى. خر على إثرها جسدي بكل ما فيه من عظام وعضلات واعصاب وبت كالكهل المريض الذي لا يقوى على الحركة.

جاء صباح اليوم التالي وقد دخلت مرحلة من الانهاك الشديد مع استمرار الحمى التي استمرت الى خمسة أيام أخرى. لم يقوى جهاز المناعة إلا ان يسقط اثناء تلك المدة باحثا عن المستحيل لمقاومة ذلك الفيروس المدجج بأسلحة غير معهودة لأجهزة المناعة. في اليوم الثالث تقريبا كان الاتصال الهاتفي من المستشفى يؤكد إصابتي بالفيروس.

بعد الخمسة الأيام الأولى وفي اليوم السادس تحديداً بدأ الامر في تحسن، حيث بدأت الحمى في الهدوء التدريجي ولكن ظهر شيء غريب.. أحسست بفقاعات داخل جسمي تنتقل من مكان الى آخر وقرصات في الصدر! وكأن شيء ما يتفحص ويبحث في داخل جسمي عن ضالة له!!

جاء الليل وانكشف الغطاء.. ما تلك القرصات والفقاعات إلا هدنة والتهيئة للمرحلة القادمة.. ظهرت الاعراض الجديدة كحة والم في البطن مع فقدان الشهية والطعم المر للماء!! مرت ثلاث أيام لم اشتهي أي شيء، صيام شبة متواصل أنهك جسمي تماما وبت في حالة يرثى لها، تم نقلي على إثرها الى المستشفى، الذين لم يقدموا لي شيئا. من انتظار الى انتظار ومن ثم نصحوني بأخذ البندول!!  مع العلم بأنني استخدم البندول باستمرار منذ اليوم الأول ولم يجدي نفعا. فطلبت منهم دواء آخر، فأجابتني الدكتورة بانه لا يوجد علاج وخيرتني ان كنت اريد حقنة قاتل الألم عن طريق الوريد فأجبتها بنعم طبعا.

كان لهذا العلاج اليتم بعض التحسن والتخفيف من وطئه الألم، عدت للمنزل واستمريت على شراب الأعشاب كالزنجبيل والريحان والليمون وكذلك شرب العسل الطبيعي وعسل المانوكا النيوزلندي. كله على امل بالخروج من تلك الحالة الكئيبة.

في اليوم العاشر كان الاكتئاب سيد الموقف، عقل شارد، جسم منهك، وشوشة في النظر، انعدام الرغبة في أي شيء.. حتى فتح تطبيقات الهاتف أصبحت مملة وكئيبة. استمر هذا الحال ليومين وبدأ في الانحسار في اليوم الثالث سريعا وعودة الجسم الى بعض الحيوية وتحسن في الشهية للأكل.

أكملت اليوم الرابع عشر وكان الامر في تحسن مستمر ويفترض ان يباح لي بالخروج في اليوم الخامس عشر حسب بروتوكول وزارة الصحة ولكن فضلت المواصلة الى الاطمئنان الكامل. والحمد لله مع اليوم السابع عشر بدأت بالخروج وكأنني خرجت من معتقل او سجن مع الاعمال الشاقة الى الحرية ورحابة الحياة.

بالفعل كورونا ليس بالهين، خصوصا وأنه لا دواء له حتى الآن في المستشفيات. فتك هذا المرض بالكثير من الناس. منهم كبار السن ومنهم الشباب ومنهم الأطفال أيضا. أما من أصيب وشفي منه فقد كتبت له حياة جديدة. نسأل الله أن يشفي كل مريض وأن يحمي كل من لم يصبه وأن يرفع الله هذا المرض قريبا بأذنه تعالى. أنه سميع مجيب الدعاء.

حفظكم الله

جمال العبري


الاثنين، 3 أغسطس 2020

الطريق إلى الشهرة

قد يلاحظ الكثير من أمثالي لهفة البعض في البروز والظهور وهي ربما صفة ليست بجديدة على البشر، فهي ممارسة يستخدمها الناس على مر التاريخ مستخدمين الوسائل المتاحة. قد يكون ذلك البروز عفوي وطبيعي نتيجة التميز في فعل شيء او الهمة العالية في اتقان علم او فن.  وليس هذا الذي اعنيه هنا، فهو امر طبيعي، ولكن الذي أعنيه هو لهفة البروز والظهور للذين يسعون من أجل ذات الظهور! .. أي حب الشهرة من أجل الشهرة نفسها بغض النظر عن المحتوى وما يقدمه للناس.

في النهاية هي حرية شخصية للفرد طالما انه بتصرفاته لا يضر أو يؤذي الآخرين.. فتصرفات الانسان تكشف عن مكنوناته وعن توجهاته الفكرية العميقة.. ومن يستطيع كشف تلك التوجهات أولئك الذين لديهم الكياسة والتفكر والاستنباط من مجريات الاحداث وتصرفات الانسان.

فمن يعشق القراءة ويظهر لنا في اليوتيوب او في غيره من القنوات ليخبرنا بالجديد عما قرأه وعن الجديد من المطبوعات فهو ينقل لنا تجاربه وخبراته لعل الاخرين قد يجدوا منها الفائدة والتشجيع للإبحار في عالم المعرفة عن طريق الكتب او القراءة عبر الأجهزة الالكترونية.  كذلك الحال لمن يحب الشعر والادب ليظهر لنا بقصائده الجديدة او حتى القصائد المشهورة للشعراء القدامى او المعاصرين من باب نشر المعرفة والتفنن بالإلقاء.. وكذلك الحال ممن يحبون الرياضة او الطبخ او تصميم الأثاث او غيرها من الأمور.. كلها أمور جيدة ومحمودة ومفيدة.

يقول علماء النفس بأن الانسان قد يكون له عدة شخصيات في داخلة !!.. ففي الظاهر يظهر بالصورة النمطية التي يحب ان يراه الناس عليها ولكن في داخلة قد تكون لدية شخصية أخرى مناقضة.. يظهر بها مع تفكيره الداخلي مع نفسه وربما قد يظهر بها مع المقربين الخاصين. ويشير بعض المتخصصين بان ذلك قد يكون طبيعي نظراٌ لفطرة الانسان وتعرضه لمقومات كثيرة في بداية حياته وطفولته، فيختار الفرد القالب الملائم له والمتناسق مع المجتمع الذي يعيش فيه ومع المعتقدات التي ثبتها في قلبه وعقله. ولكن تبقى بقية القوالب في عقله اللاواعي موجودة قد تظهر لفترات او تختفي بناءا على طلب العقل الواعي. يعني قد نرى شخص عفيف يتكلم عن الاخلاق والتعفف واختيار الالفاظ المحتشمة في كلامه امام الناس ولكن قد تظهر في عقله الداخلي او عند تفكيره عبارات وصور نمطية أخرى غير محتشمة وشيطانية من الدرجة الأولى فلو اظهرها امام الناس لكشفت عن شخصية مغايره تماما عن التي يعرفونه بها! .. ويشير المختصون بان الغير طبيعي اذا عاش الانسان في صراع بين تلك الشخصيات الداخلية والخارجية فعندها يصاب بالأمراض النفسية المختلفة وربما يصل الى متاهات وتصرفات شاذة او تصل به الى درجة فعل الجريمة.

ولنعود الى السطور الأولى في هذه المقالة وهي حب البروز والظهور.. قد نرى بعض الرائدين والرائدات في الساحة الفنية او الشعرية والأدبية وقد اتخذوا شكلا آخر على بعض وسائل السوشال ميديا غير المجال الذي بروزا فيه.. قد يقودهم الى اظهار شخصية أخرى غير التي عرفوها بهم الناس في بداية مشوارهم في طريق التميز والشهرة.  ومنها ظهور بعض المثقفين بوجهة الالحاد او الفكر المتقلب ومحاولة تقليد الاخرين لجلب أكبر عدد من المتابعين والمشاهدين وقد تخلوا عن مجالهم الأصل من اجل الشهرة ذاتها بدون النظر في العواقب وما قد يشكل على المتابعين في مصداقية هؤلاء المثقفين وفيما يقدموه.. وكذلك الحال لبعض الرائدات التي اتخذن التبرج او التقاط الصور الملفتة ذات طابع الاغراء وتكسير الصوت والحركات التي تجذب الذكور لهن وكله من أجل زيادة المتابعين وكأنهن في سباق مع الاخرين للتباهي بكثرة المتابعين من ناحية ومن ناحية أخرى المكسب المادي سواءا من المواقع التي ينشرون من خلالها او من خلال تسابق شركات الإعلان لاستخدامهن لنشر الدعاية لمنتجاتهم المختلفة.

كما اسلفت بانها ظاهرة ليست بالجديدة ولكنها أصبحت متفشية كثيرا لتعدد الوسائل والتقنية التي ساعدت بشكل كبير جدا جدا ليس لنشرها فحسب بل ولتشجيع الاخرين على القيام بمثلها في ظل غياب القيم والرقابة والانسلاخ من المبادئ التي جاءت بها جميع الأديان السماوية لتنظيم حياة الانسان وجعل حياته على هذه الأرض رحلة ثرية وفرصة غير متكررة لملء الذات والحقيبة الخفية بالعمل الصالح الذي سيكون الزاد للرحلة القادمة بعد توقف كهرباء الجسم وخروج الروح.


جمال العبري

السبت، 20 يونيو 2020

مهاجرون من الارض الى الفضاء !!





في الفترة الماضية تابعت على اليوتيوب بعض الحلقات لأحد "اليوتيوبيون " المهاجرين والذي استقر به الحال في الغرب كلاجيء سياسي .. كان مدون يجيد التعبير وله حضور جيد في وسط الشباب. قبل فترة قرر هذا المدون ان تكون له قناة على اليوتيوب وبادر في برنامج مقابلات للمهاجرين من امثاله.


اللقاءات التي تابعتها كانت لمهاجرين أو بمعنى آخر لاجئين الى الدولة التي يقطنون بها وتخلّو عن بلدهم الأصل وجنسيتهم بسبب معارضتهم للنظام السياسي فيها... كانت اللقاءات مفتوحة وعفوية واشبه ما تكون جلسة ودية يدردش فيها السائل والمجيب في ذكريات رحلة اللجوء وما قبلها وما بعدها وما احتوتها من الأمور الشيقة والتي أشبة بمغامرة الى المجهول. هذا من جانب ومن جانب آخر أشبه ما تكون بسرد وتوجيه للقابلين على الرحيل من أمثالهم وممن يطمح الوصول الى سماء الحرية – كما يدعون -.


عادة عندما نتابع مقابلات مع لاجئين سياسيين في الغرب او في أي مكان في العالم، فغالباُ تجد أولئك المعارضون يتبعون أحزاب او حركات سياسيه معارضة سواءا في داخل بلدانهم او مدعومة من الخارج. والمعارضات السياسية عادة لا تكون من صنع الخيال وانما هي قائمة على مبادئ واسس وقضايا حية تثير ذلك الاختلاف في الرأي والتوجه. وجمها مرتبطة بالإنسان وحالة معيشته سواءاً على الجانب الاقتصادي او الثقافي او الديني او العرقي ..  فكل تلك الجوانب اذا اهملت من قبل الحكومات او ظهر منها استبداد جانب على آخر، فعادة تظهر الحركات المعادية لها والرافضة لذلك الاستبداد وهو ما يسمى عندئذ بالمعارضة أي معارضين ذلك التوجه من الحكومة فيطالبون الحكومة بالعدل أو بالتنحي لانتخاب حكومة عادلة قادرة على الموازنة وتسيير الأمور.  


نعود الى قناة الأخ المدون واليوتيوبي .. من خلال مشاهدتي لتلك اللقاءات، ومع احترامي لضيوفه الكرام إلا انني لم اجد معهم محتوى صلب قائم على أسس لمعارضتهم في دولة تعتبر الأفضل في الوسط المحيط بها سواءا في سياستها الداخلية او الخارجية. يتكلمون عن قضية حرية التعبير في وسائل الاعلام وفي الوسائل الأخرى كمنصات الانترنت ( المدونات، التويتر، الفيسبوك، .. الخ) وأن هناك قمع متمثل في الاعتقالات من الأجهزة الأمنية لهم عندما انتقدوا الحكومة في بعض الأمور ، ومسائلات ومراقبة لصيقة بهم جعلتهم في وضع أجتماعي غير جيد وغير مستساغ مما جعلهم يقررون الهجرة الى الخارج أملا بوجود حرية التعبير وخروج ما في مكنوناتهم هناك .. هذا هو مختصر ما فهمته من قضيتهم


لا أعرف عنهم كثيرا .. ولست بمهتم للبحث عن ما كانوا ينشرون لأعرف قضيتهم عن كثب، فقط كنت اريد أن افهم كيف يفكرون وما هي الأسس – ان وجدت – في معارضتهم ، هل هو ظهور فكر جديد أو يتبعون حركة معينه لها مطامع في المنطقة ويستغلون فئة الشباب ما دون الخامسة والعشرون لزرع فيهم مبادئ تجعلهم يعتنقونها ويصبحون مغمورين في نشرها وتقوية شوكتها كما حصل في الحركات الرأسمالية والشيوعية وغيرها


في الحقيقة لم اجد شيئا من ذلك !! .. الضيوف لم يكونوا بالمثقفين الواعين بمعناه الحرفي ، وأكرر مع احترامي لفكرهم، فعندما نتابع مثلا بعض المعارضين العرب او الأجانب على قنوات التليفزيون وهم يسردون قضاياهم  نجد بأنهم قارئين محترفين وذو ثقافة واسعة وربما اكاديمين في جامعات مرموقة او أعضاء أحزاب ولهم دعم وبرامج يمشون عليها ..  بينما ضيوف الأخ اليوتيوبي بدت عليهم البساطة وضحالة الفهم السياسي وحتى الثقافي.  حتى ان احدهم أدمن المخدرات والخمور والدخان وهنا ربما إشارة الى الصراع النفسي والفراغ العاطفي الذي يعيشه هؤلاء المهاجرون .. وكأنهم قارئين لرويات بوليسية و تأثرو بها بل وتقمصوا شخصياتها وعاشوا قصتها فتحولت من تأثير لحظي اثناء القراءة الى واقع يعايشونه ويحاولون اقناع المجتمع بما هم فيه! .. قصصهم اشبة بمن يعاني من اضطراب في الشخصية ويرى في بعض الشخصيات التاريخية او حتى المعاصرة هي المثل الأعلى ويعيش الحلم ليصبح مثل تلك الشخصية بل ومن كثر تعلقه بها يصبح يعيشها لحظة بلحظة .. فأن كانت تلك الشخصية مصلحة كان خير وبركة اما ان كانت تلك الشخصية مزعجة او مرتدة او مستبدة فهنا يبدأ الطغيان وصراع الأفكار


هذا ما استنبطته من تلك اللقاءات .. وهناك بٌعد آخر ربما يكون له أثر لهذه النتيجة وما آل اليه هؤلاء الشباب ..  إلا وهو المنهج المدرسي الذي لم يحل مشكلات وتساؤلات الجيل الحالي .. فما كان يدّرس في السبعينات لا يفترض ان يكون كما هو بعد التسعينات والالفين .. بعد القاعدة وداعش .. وبعد عزو الكويت والعراق .. وبعد الربيع العربي .. هناك متغيرات كثيرة وتساؤلات كثيرة طرأت وظهرت وباتت بحاجة الى إجابات شافية.


منهج الفلسفة وعلم النفس أصبح ملح جدا ليجد له مكانا له بين المواد الدراسية بل وبقوة .. لانه يخلق السؤال الصحيح ويعطي المنهجية الصحيحة للحصول على الإجابة .. يعلّم الفضول والجرأه في طرح السؤال ويعلم الصبر وتقدير الآخر وبناء الثقة ونقاء التفكير والبصيرة .


منهج التربية الإسلامية بحاجة إضافة فن إجادة الحياة وتكثيف دروس التعايش بين البشر


منهج إضافي يشرح مؤسسات الدولة ونضمها والغرض منها .. يشرح الجانب الأمني والقانوني .. يشرح الحقوق والواجبات .. وغيرها من الأمور التي تجعل الفرد والجماعات على وعي كامل بالنظام


ما يعانيه اؤلئك الشباب هو التيه بين إشكالية الوعي وبين الطموح .. يلجأون الى الشهرة ولفت الأنظار بطرق قد تضرهم وتضر أسرهم وذويهم.  ما يراه هؤلاء بأنه طغيان وتكبر من الحكومة قد يراه آخر بأنه فعل محمود لأمن المواطنين والمقيمين .. ما يراه هؤلاء من سلب لحرية الرأي والكتابه كيفما يشاؤن قد يراه غيرهم هو الحفاظ على لغة الحوار وعدم اثارة الفتن والاتهامات بدون ادلة وبراهين .. وان كانت هناك قضايا بها ادلة فهناك قنوات صحيحة يفترض ان يسلكها صاحب القضية بدون اثارة العامة لقضايا قد تسلك مسلك لا يحمد عاقبته.


تلك اللقاءات لم تشعرني بالارتياح وتعاطفت مع الحال الذي وصل اليه اؤلئك الشباب .. أمل ان لا تتبناهم عصابات تريد البلبلة في المجتمعات .. وآمل ان يكونو على وعي وان لا يصبحوا أداة لنشر الدعايات الباطلة والتهم لبلدهم الأصل.


 

الخميس، 11 يونيو 2020

كورونا .. ورسالة التغيير



في نهاية عام 2019 كانت أخبار اكتشاف فيروس كورونا في مدينة وهان بالصين تمر علينا مرور الكرام، ولم يخيل لنا بأن عدوى هذا الفيروس ستتجاوز الحدود الصينية لتصل الى كل شبر في الكرة الأرضية !! .. كانت تلك الاخبار مجرد أخبار عابره نتابعها والبعض من تعمق في متابعة التصريحات الصينية والردود الامريكية وردود منظمة الصحة العالمية وفسر ذلك بأن هناك من يستغل وجود الفيروس في الصين لغايات اقتصادية، ومنهم من فسر بان الصين نفسها استغلت وجود الفيروس لتهول الامر لطرد بعض الشركات الأجنبية التي باتت تشكل عبئا سياسيا عليهم ومحاولة منهم لشراء تلك الشركات .. ومنهم من فسر ذلك بأننا على اعتاب حرب اقتصادية قادمة بين العملاقين الصيني والامريكي... والنادر جدا من ظن بان الفيروس هو شيء واقع وربما ينذر بالخطر ما اذا خرج من الحدود الصينية الى بلاد الجوار .. ولم يكن لأحد ان يتخيل ان ذلك سيتجاوز تلك المنطقة الاسيوية الجغرافية لينتشر الى كل بقاع الأرض ويؤثر أكثر مما أثر على الصين نفسها مصدر الفيروس.

فناقوس الخطر الحقيقي بدأ يرن عندما وصل الفيروس الى ايران وإيطاليا وبدأ من هناك رحلة جديدة غامضة لا يعرف مداها ولا نهايتها .. وبات الجميع في ترصد دائم لمتابعة ما الجديد والى اين المنتهى ؟!! .. أسئلة لم تجد لها إجابات الي ان غزا ذلك الفيروس الى كل البلاد وبات أمر حتمي واقع ويجب التعامل معه على اعلى مستوى في الدول .. واطلقت جميع الدول صافرات الإنذار وبدأ التغيير التاريخي الغير متوقع

على المستوى الشخصي .. انا أعمل في شركة نفطية وهذه الشركة بدأت قبل اكثر من عام بعمل استراتيجية العمل عن بعد ..بعدما تم تطبيقه في عدة شركات عالمية وقد نجحت تلك الشركات في تطبيقه .. فكان عام 2019 عام التجربة الرسمية في تطبيق آلية العمل عن بعد في شركتنا وتم اختيار عدد معين من الموظفين كعينة اختبار للتجربة .. وقد اثبتت التجربة فعاليتها منذ الأشهر الأولى فزادت الإنتاجية بمقدار 25% مما اعطى انطباعا إيجابيا بان التجربة ستنجح وبالفعل عند اكتمال المدة المحددة كانت كل التقييمات وعلى كل الأصعدة إيجابية وملهمة ..مما جعل الإدارة العليا للشركة بطلب تفعيل التجربة لتصبح واقعا وعمل خطة للانتقال المستقبلي ليصبح كل الموظفين لديهم تقنية العمل عن بعد بمعدل يوم او يومين في الأسبوع يستطيع الموظف ان يعمل من البيت او أي مكان .. وبقية الثلاث أيام الأخرى يكون فيها العمل اعتياديا في المكتب

اذكر هذا الامر .. لأنني تقدمت بطلب للحصول على التصريح للعمل عن بعد من بداية يناير 2020 خصوصا وانني لدي جهاز اللابتوب المجهز والمعد لذلك .. وكنت أمارس الكثير من الاعمال عن بعد منذ عام 2014 حينما كنت اعمل في مشروع يستدعي ترحالي المستمر والعمل مع المقاول في مكاتب شركتهم.. فطلبي كان فقط مجرد السماح الرسمي لي وتسجيل اسمي من ضمن العاملين عن بعد (يومين في الأسبوع) .. فكان الرفض من المسؤول المباشر بحجة كيف لمهندسين المشاريع ان يعملوا عن بعد وهم بحاجة الى الاجتماع الدائم بالمقاولين والموردين وفرق العمل المختلفة في المشروع .. وهنا تستطيع ان نقيم العقليات التي طبعت لنفسها السير وراء الروتين اليومي والتقوقع في وحلها .. وعدم التحرك مع الحاضر والتهيؤ للمستقبل القادم مع المعطيات الموجودة على ارض الواقع

وقد دخلنا في نقاشات مختلفة لأقناع تلك العقليات الغير راضية بالتحرك التقني للمستقبل .. بالرغم من ان الشركة قد قامت بالتجربة وفاق نجاحها كل التوقعات .. ليس هذا بحسب بل وباركتها الإدارة العليا للشركة وأمرت بأعداد الخطة الزمنية لتطبيقه على مراحل .. وكانت التوقعات بانه بعد خمس سنوات كل الموظفين سيكونون متاح لهم العمل عن بعد بمعدل يومين على الأقل في الأسبوع وربما يتطور الامر الى ثلاثة أيام او اكثر .
سبحان الله .. مر شهر فبراير ولم يكن للموافقة أمل .. الى ان اتي منتصف مارس ليرسل لنا نفس المسؤول رسالة بطلب من الموظفين العمل عن بعد في الفترة القادمة بناءا على أوامر اللجنة المشكلة لفيروس كورونا .. وبدأنا العمل وبعد أسبوع او أسبوعين نفاجا بان الإدارة تعلن بأن معدل الإنتاجية لدى الموظفين قد زاد .. وان الاجتماعات (اون لاين ) أصبحت اكثر فعالية وتستهلك وقت أقل .. كما اصبح للموظف الوقت الكافي للمشاركة في فعاليات أخرى كفعالية تبادل المعارف والخبرات الذي يقدمه فريق إدارة المعلومات.

هذه واحدة من الفرائد التي جلبها لنا فيروس كورونا .. وهي التسريع في النقلة التكنولوجية في العمل والدراسة عن بعد التي كانت قبل فترة قصيرة محل شك لدى بعض العقليات التي جبلت على الروتين والرضى بالمنهجية القديمة السائدة في العمل .. جاء فيروس كورونا ليغير الكثير من المفاهيم .. وليفرض الوعي في جميع الأصعدة والجوانب المختلفة. فعلى سبيل المثال كان الجانب  الصحي وحتى وقت قريب من جائحة كورونا يعيش المرّين ، الأول عدم الدعم الكافي من الإدارات ومن جانب أخر البعد المجتمعي والتخلف الحضري عن القبول الصحيح لدور تلك الفرق التوعوية المهمة .. فكانت فرق التوعية في مختلف المؤسسات تعاني كثيرا مع تلك التحديات .. جاء كورونا ليفرض ما كان مستحيلا او صعبا ليصبح واقعا ملموسا وسهلا

كورونا .. لا نختلف انه جائحة انتشرت وعانت منه حكومات الدول قبل الافراد .. جائحة مخيفة تنتشر بشكل كبير ولا تعرف كبير او صغير .. لذلك أغلقت الأبواب في كل مناحي الحياة .. المساجد، الأسواق، المدارس، التجمعات بمختلقها العائلية/الرياضية/الثقافية/التجارية/ وغيرها .. وبات المرض ينهك اجسام الذين اصابهم .. وفقدنا الكثير من المصابين .. وتغيرت مفاهيم كثيرة .. كإيجازه الصلاة بالتباعد (أي ترك مسافة مترين بين كل مصلي) بينما كانت بالأمس محل رفض كامل من علماء الدين وبعضهم يشدد بفساد الصلاة اذا لم تلتصق الاجسام في الصفوف !! أما اليوم وبعد كورونا أصبحت جائزة !!

حتى الصلاة في البيت كانت محل نقد وسخرية من بعض المطاوعة .. ويعيبون من لا يذهب للمسجد في كل الصلوات حتى وان كان مريضا .. ويعتبروا الذهاب للمسجد في حال المرض بأنه جهاد ونقاء سريرة والتزام بالدين .. وكثير ما ينشر عن معاقين يصارعون انفسهم للوصول الى المسجد وكثيرا ما يتعرضون للسقوط والاصابات واحيانا تزداد حالتهم المرضية بسبب ذلك الالتزام االمتعب لهم ولكنهم كانوا تحت تأثير المباركة والثناء لهم من الذين يسمون انفسهم ملتزمين بالدين او كما يسموهم العامة المطاوعة.

اليوم تغير الحال ، واصبح ما كان منتقدا في السابق أصبح ينصح به في الحاضر .. كان من يتصل ليعزي شخص فقد ابيه او امه او احد أقاربه يقابل بالنقد وانه مقصر وغير ملازم للعادات والقيم في المجتمع وكان الأغلبية يرى ان الحضور الى سبلة العزاء هي التعبير الأسمى عن الاخلاق والالتزام بالموروث والدين وهي السبيل الأنسب للتعبير عن الوقوف مع اهل الميت .. بينما الان وبعد كورونا اصبح الاتصال الهاتفي أو حتى الرسالة النصية هي التعبير المحمود والمشكور للعزاء .. سبحان مقلب الأحوال

كانت الأسواق مكتظة بالناس وفي أحوال كثيرة يصل الى التقارب الجسدي .. وكثيرا ما تعاني النساء في المهرجانات والمجمعات التجارية المزدحمة من التحرش نتيجة الازدحام .. جاء كورونا ليكون له كلمه في هذا الصدد وان يجبر الجميع على التباعد المجتمعي وأن يجعل التقارب منكرا يتعجب منه ويرفضه العامة !!

فهل جاء كورونا بأمر إلهي ليصلح بعض عادات المجتمعات ويزيل التعصب والتطرف في بعض القضايا ويعيد العقل الى عمله الطبيعي في التفكر وعدم التبعية العمياء لفكر ما ورفض الآخر

كورونا مع جانبه السلبي فله جوانب أخرى إيجابية .. جوانب إصلاحية .. جوانب تنقل المجتمع من مرحلة خمود الى مرحلة حراك وتقدم ..

شكرا لله على كل حال

جمال العبري

السبت، 17 نوفمبر 2018

جلسة تنفس



ممارسة التنفس والوصول بالنفس الى حالة من الاسترخاء والانقطاع عن المحيط وعن التفكير في أي شيء هي حالة ذهنية رائعة تصل بالانسان الى درجة من التحرر ومرحلة من الجلوس مع الوعي والاصغاء الى الصوت الداخلي للنفس والتطلع الى الحالة المزاجية للتفكير والابحار في عالم الجسد وما يعتركة من هموم واضطرابات قد جلبتها له أنته أيها الانسان.

تلك حالة، قد يصفها البعض بالشرود .. وقد يصفها البعض بجلسة الايحاء الذاتي التي لا يصل الى عرشها إلا من تمرس مرات ومرات وفي كل مرة يكتشف عالم آخر من العوالم الخفية مع الذات الانسانية .. قد يقول البعض بأن الصلاة وممارسة بعض العبادات قد تصل بالانسان الى تلك الحالة .. وفي الحقيقة العكس هو الصحيح .. من تمرس الاسترخاء والايحاء هو من يحس اكثر بلذة العبادة والتواصل الحقيقي مع الطاقات المختلفة الزمانية والمكانية .. والتواصل الحق مع الخالق .. الذي من خلاله يستطيع الانسان تحليل وضعة ورسم استراتيجيات حياته ورسم مخطط في علاقتة مع نفسة ومع ربه ومع الناس ومع جميع الكائنات والبيئة والكون بأكمله.

التنفس هو النعمه الكبرى لبقاء الانسان حي ، يأتي بعدها عنصر الماء، ومن ثم عنصر الغذاء وهلم جرا الى العناصر الاخرى، ولكن يبقى الاساس هو الهواء (التنفس). الذي من خلاله يستطيع الانساء اكتشاف معالم نفسه ومكنوناتها وهو الطريق الحر الذي يبحر فيه الانسان عبر عبابه سالكاٌ الطريق الذي يريد .. لذلك تجد الاطباء ينصحون دائما بالرياضة ، وفي الحقيقة الرياضة هو المسلك لممارسة التنفس .. وخروج الطاقات السلبية من داخل الجسد واستبدالها بطاقات ايجابية قادرة على التغيير وتغذية الخلايا للحفاظ على بناءها وقوتها ومن ثم بالتأكيد تتنتج عنه الصحة الجيدة للجسم..  هذه هي نظرة الطب العام التقليدي .. بينما ينظر العلماء الروحيون وممارسو التأمل وعلماء الطاقة أن التنفس له ابعاد اعلى من كونه اكسجين يدخل للجسم لتغذية الخلايا الحية والتخلص من الغازات والسموم الاخرى.  التنفس يصل بالانسان الى مراحل من الانتشاء التي من خلالها يستطيع الانسان ضبط ذبذبات جسمة ونفسة واصلاح جوانب عديدة من كيانه على كل الجوانب.. على اعتبار ان الانسان هو جسد وروح ونفس .. وجعل العقل هو أداة البرمجة لذلك المثلث العجي.

طابت أوقاتكم بالخير 

جمال العبري

الجمعة، 18 نوفمبر 2016

العيد الوطني 46 المجيد




نعيش اليوم مناسبة العيد الوطني السادس والاربعين لسلطنة عمان وهو اليوم الثامن عشر من نوفمبر لعام 2016 م. مع كل عام تسجل العديد من الانجازات على كل الاصعده سواءا الاقتصادية والسياسية والعلمية وغيرها .. سواءاً الملموسة والتي خرجت ظاهرا للعين والواقع أو التي ما زالت في مراحل التخطيط أو البحث .. وهذا هو دأب المنظومة العاملة التكاملية التي لا تألو جهدا في بذل المزيد والمزيد لرفعة هذا الوطن وعلو شأنه ..
نعم .. قد تكون هناك إخفاقات في جزئيات بعض الجوانب .. وهو أمر طبيعي لجميع المنظمات والمشاريع .. فطالما وجدت الحياة فيها .. وُجد فيها احتمالات الخطأ والصواب .. ولكن تبقى فكرة المواصلة والعمل والاستمرار هي الاساس الذي ينبغي ألا يتوقف .. فمع الاستمرار تولد الفرص وتولد التحديات ويزداد النضوج وتزداد الخبرات .

من ينظر لعمان قبل النهضة المباركة ، يدرك تماماً الفرق الكبير بين الماضي الكئيب والحاضر المشرق .. والمتابع لخطابات جلالة السلطان المفدى يدرك تماماً التخطيط السليم والرؤيا الواضحة التي طالما وعد بتحقيقها وبنى عليها الخطط لتحقيق تلك الاهداف النبيلة لهذا الوطن المعطا.. وقد أوفى بذلك بتوفيق من الله عزوجل وجهد هذا الرجل العظيم و الرجال الذين عملوا معه بجد واخلاص .. فلا غرابة ان ننظر اليوم الى عمان وقد تزينت بلباس التقدم والرقي .. وبشهادة كل من يزورها .. حضارة وسلام وثقافة واخلاق تجملت في ابناءها وأهلها واصبح الجميع يشهد بهذا التناغم الجميل ..الذي فقدته بعض دول أشقائنا الاعزاء.. الذي ندعو الله عزوجل تضرعا وخفيه بأن يعيد اليهم السلام والامن والعزه عاجلا ... انه سميع مجيب الدعاء.

قد يتسآل البعض ..بأن النهضة العمانية بدايتها في الثالث والعشرون من يوليو وهو تاريخ بداية عهد صاحب الجلالة السلطان قابوس المفدى ولكن العيد الوطني جعل في نوفمبر !! .. وهنا نقول بأن ذلك هو ترجمة الانسانية في أبهى صورها وأروع تجلياتها .. فمن يفهم الفكر المستنير والفلسفة المتأصلة من جذور التاريخ العماني الاصيل للسلطان قابوس الانسان .. يفهم وببصيره ذلك التوافق الجميل الصادق من أبن بار بوالدية ، صادق لأبناء وطنه، غيور على ارضه الطيبة.  فالاحتفالية بالعيد يجب ان تكون خالصة الفرح طاهرة الابتسامة ، تبث السعادة وروح الفوز بعد العناء، وهدية الوصول بعد مشقة الانجاز. فلا ينبغى لاحتفالية بهذا المستوى أن تشوبها شائبة قد تشكل في بعض جوانبها.  فالجلوس على عرش الحكم بعد السلطان والده رحمه الله  كان له سببه الواضح  وهو النهوض بهذا الوطن من ركوده الذي أخره عن باقي الركب حتى في اساسياته من تعليم وصحة وبنية تحتية .. فتقلد الحكم لصاحب الجلالة حفظه الله ورعاه ليس طمعاً في العرش وكرها لوالده الكريم ، وانما حباً لعمان وشعبها الكريم الأبي، وحباً لوالده  ليكمل المسير بمنظور جديد يتناسب مع الوضع العالمي من تقدم ونهضة ..  وأجزم بأن العيد جُعل في نوفمبر حتى يكون صافيا من أي تداخل قد يبعث الشك في ذلك .. فالابن البار (الانسان) بما تحملة الكلمة من تجليات،  لا يحتفل بتنحي والده عن الحكم ، وانما يحترم تلك الحقبة التي لها ظروفها واسبابها ، ويجعل لأبناءه يوما آخر للبروتكول الذي دأبت عليه الدول بأن تخصص يوم للاحتفال بالانجازات الوطنية في كل عام .. ولهذا كان الثامن عشر من نوفمبر هو يومنا الوطني .. عاش قابوس وعاشت عمان .. وهنيئا لنا العيد الوطني 

جمال العبري (18/11/2016)

السبت، 1 فبراير 2014

معنى الصمت !



في دلو المحبة .. يمتلئ 

العشق والفيض والانكفاء

وزهواً .. من نقاط حروفنا

لا يستفيق .. من العناء 

كل المسافات .. تقترب

في فسحة .. ليل الشتاء 

أنا لا أتذكر الماضي ..لعلني

حديث القيد .. في الهواء

ولا أتنفس النور .. الذي

يشع بين ..الألف والياء

كلما أستشفه ..وأظنه ..

بأن الصمت ..هو النداء !

جمال العبري