السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بكم في مدونة - ديمومة- أدام الله عليكم الصحة والسعادة والسلام


ملاحظة: يمنع نسخ أو اقتباس أي مادة من هذه المدونة بدون إذن صاحبها





الخميس، 22 ديسمبر 2011

اللحظة


قيل بأن العيش في الزمن، هو من أسباب الشقاء والفشل في الحياة !! ، قد تبدو عبارة غريبة نوعاً ما، ولكن تتبين عندما نعرّف الزمن على انه  الماضي والمستقبل.. أما الحاضر فهو الواقع الذي نعيش وهو الذي يستطيع الانسان ان يتحكم فيه ويحدد موقفه .. أما الماضي فقد فات ولا حيله في تغييره .. والمستقبل لا نعلمه وهو من الغيبيات !!
قد يعارض احدهم بأن الماضي والمستقبل مهم جداً للنجاح فكيف يكون من أسباب الفشل؟  سؤال وجيه ومعقول .. ولكن علماء النفس وفلاسفة الطاقة يقولون بأن الإنسان أذا تعلم من الماضي لتصحيح مساره في الحاضر فنعم يكون زيادةً في وعيه ومعرفته مما يقوده الى العمل من اجل تجنب تكرار الأخطاء .. ولكن الغالبية العظمى من الناس يأخذ الماضي  على انه الذكريات الجميلة أو التعيسة..فان شغل نفسه بجمال الماضي فأنه يترجم لعقله الباطن بان الحاضر غير جميل!! ..  واذا شغل نفسه بسيئات الماضي فكأنه يترجم لعقله الباطن بان الحاضر امتداد ونتيجة حتمية لسيئات الماضي!! ( طبعاً هذا النمط السلبي من البشر) وما أكثرهم .. وكذلك الحال عندما يركز التفكير في المستقبل ..عادة ما يفكر الإنسان في أشياء بعيدة المنال .. وفي الحقيقة لا يضمن عمره هل يصل إلى ما يصبو إليه أم لا!! .. لأن العمر بيد الله ولا قدرة على الإنسان في تغيير ذلك.
لذلك فأن التفكير الدائم في الماضي والمستقبل .. يقوم بإرسال إيحاءات للعقل الباطن .. بجمال الماضي أو بؤسه وبصورة ذهنية غير مضمونة للمستقبل .. وهذا النوع من التفكير يتحول الى سلوك دائم مما يرتقي الى ان يكون عادة مستمرة ينتج عنها مسح الحاضر من العقل الباطن! .. والحاضر كما ذكرنا مسبقاً هو الحقيقة و الواقع الذي باليد لذلك فأن قدرة الانسان دائما تكون في حاضرة.
يقول الدكتور صلاح الراشد في إحدى حلقاته .. أذا أردت ان تفسد مجتمع .. فأجعله يعيش في الماضي أو في المستقبل .. أي أجعله يتغنى بأمجاد الامه في الماضي .. ومميزات العلاقات الاجتماعية  في الماضي .. وتكاتف الناس في الماضي .. وغيرها مما نسمعه كثيرا من الناس .. أو اجعلهم يفكروا في المستقبل كثيراً .. كثرة التخطيط .. والرسم المستقبلي البعيد .. والحلم بالثروات .. والحلم بالقصور والوجاهة .. الحلم بالوظائف الإدارية والقيادية العليا .. وغيرها .. كل ذلك كفيل بان يشغل الفرد والأمة  لأشياء غير منطقية .. مما يؤخرها من تحقيق التقدم والرقي.
يقول المتخصصين في النفس البشرية .. ان اغلب أمراض الإنسان العضوية والنفسية هي من التفكير !! سوآءا في الماضي أو المستقبل!! وأغلب البشر المتمتعين بالصحة والاستقرار النفسي هم من يعيشون اللحظة .. يتعلمون من الماضي بإيجابية ويبنون منه للحظة  (الحاضر) ..
عيش اللحظة ..هو فن وفلسفة ناجحة .. لا يتقنها سوى أصحاب العقول البسيطة والبعيدة عن التعقيد .. أصحاب العقول النيرة والغير مظلمة .. فبالتالي  تكون هي السبب في طمأنينتهم ونجاحهم وسعادتهم .
اذاً فن اللحظة .. هو استثمار الحاضر والعمل فيه دون تسويف .. سواءاً في العبادة أو العمل المتخصص أو طلب العلم أو الرياضة أو أي شيء آخر يريد ان يقوم به الإنسان ويعود عليه بالخير.