السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بكم في مدونة - ديمومة- أدام الله عليكم الصحة والسعادة والسلام


ملاحظة: يمنع نسخ أو اقتباس أي مادة من هذه المدونة بدون إذن صاحبها





الخميس، 2 أغسطس 2012

مسلسل عمر بن الخطاب .. وعلماء الدين


الكثير من الاحداث تمر بين الفينة والاخرى، ونجد الغالبية العظمى من الناس يتفاعل مع الاحداث سواءً اقتنع بها أم لم يقتنع ، يكفي أن الجميع يهلل ويطبّل لتكون سبباً لعدم تخلف الفرد عن الجماعة. ذلك التفاعل من العامة والخاصة أشبه بالقطيع الذي يسير اينما اراد له الراعي ان يسير واينما اراد له الراعي ان يتوقف.
قبل سنوات حدث زلزال في احدى الدول الاسيوية، وهب الجميع بقيادة المكائن الاعلامية المختلفة لجمع التبرعات من العامة وكان لها صدى كبير في بلداننا العربية وخصوصاً الخليجية، وهب الجميع بما يستطيع ان يساهم من خلال دفع التبرعات المالية الى حسابات بنكية وصناديق فتحت لذلك الغرض الانساني البحت ..تم وبأشراف المؤسسات الحكومية  في الدول. وبطبع العرب الكرماء، جمعت في تلك الحادثة الملايين من الدولارات لصالح أُسر الضحايا والمتضررين ناهيك عن بعض المواد اللازمة الاخرى .
بالطبع إغاثة الملهوف هي من اساسيات الاعمال الانسانية لدى الفرد المسلم ويجازى عليه خيراً من الله عز وجل ..لذلك ليس بالغريب ان يسارع المسلمون لنصرة المتضررين من الكوارث الطبيعية سواءً مسلمين ام غير مسلمين.
بعد ذلك الزلزال حدثت زلازل أخرى وبراكين هنا وهناك راح ضحيتها الالاف من البشر، وشردت عوائل وانهارت منازل واندثرت مدن .. ولكن .. لم يطّبل لها ولم تقود الحكومات تلك الحملات الانسانية لإغاثة الملهوف ولم يجمع لها ولا فلس!!!!!
الشعب الفلسطيني .. ينال من الويلات ومن حملات الإبادة تباعاً .. تارة تجد نزعات إعلامية عربية تهز مشاعر المشاهدين بعد ان تنقلها من القنوات الاجنبية لتبدأ بعدها المظاهرات المطالبة بأخذ الثأر من اسرائيل وتبدأ ايضاً حملات التبرعات وصلوات الغائب على الشهداء في كل بقاع الوطن العربي ..كما حدث لمحمد الدرة (رحمه الله) .. وتأتي بعدها حملات إبادة أخرى لا تقل شناعة، بل ربما تجاوزتها في حدتها..و لا نرى حينها أي حراك من المكائن الاعلامية ولا المؤسسات الحكومية ولا تكاد تسمع لها صدى إلا من بعض القنوات الخجولة! ..وتهدر دماء المسلمين ويدفن عشرات الشهداء وبدون طنين عن صلوات الغائب!!
الصومال التي تعاني من الفقر المدقع لعدة عقود، تارة ولفترة محدودة تتذكرها المكائن الاعلامية وتقوم بحملات تبرعات بالمليارات من جميع الدول العربية.. كفيله بأن تغير حال الصومال الى الغنى وأن تقوم بها المصانع وتنعش اقتصادها القومي،، وبعد فترة بسيطة تسكن المكائن ويعود الناس الى سابق حالهم!! والصوماليين يضلون كما هم قبل وبعد التبرعات!!!
ذلك على مستوى القضايا الانسانية .. ونرى الحال يتشابه أيضا على مستوى المسلسلات التليفزيونية!!
هذه الايام نعيش قضية مسلسل (عمر بن الخطاب).. الجميع يتقادح في أحليّت عرض المسلسل من تحريمه .. وبعض العلماء بدا لهم سوق رائج على المواقع الاجتماعية والقنوات التليفزيونية لاستعراض قوتهم وغيرتهم على الدين وحبهم لله ورسوله وصحابته الكرام .. وبدوءا يقدحون ويحرمون ويقودون القطيع لمنعهم من مشاهدة هذا المسلسل أو حتى السماع به بل ومحاولة مسحه من أدمغتهم !!
في الثمانينات من القرن الماضي ..بدأت بعض الممثلات الرشيقات المصرية بتمثيل الفوازير الراقصة (المتعرية) في الشهر الفضيل.. ولم يكن لها هذه المعارضة الشديدة.. بل تكرر المشهد في السنوات التي تلتها وكأن تلك المشاهد لا تمس الدين بشيء ولا تؤثر على الصائم.. وبعد ذلك بدأت المسلسلات الخليجية التي كانت محافظه ومحتشمة في فنها، بدأت في تقليد ما استورد لها من بلاد النيل والشام ..لتصبح الممثلات الخليجيات عارضات اغراء من طبقات ارستقراطية راقية تسكن القصور ومتعطشات لإشباعهن بالعاطفة بعد ان سادت المخدرات والانحلال في اسرهن ... وكل ذلك لم يكن للعلماء فيه صوت ضد تلك الموجه الموجهة .. وكأنه لا يمس الدين ولا ما جاء به الرسول وسار عليه خلفاؤه ومن سار على خطاهم.
قبل سنوات لمن يكن إلا لواحدة من القنوات الفتية التي تبنّت ترجمة المسلسلات الايرانية العالمية المتميزة لتدخل شيئاً مميزاً ، على الاقل وفيما أعتقد بانها تحترم المشاهد المسلم في الشهر الفضيل ، منها مسلسل (اصحاب الكهف) الذي شخصياً حفظت على اثره سورة الكهف، ومسلسل (مريم العذراء) الذي دفعني شخصياً للبحث والتعرف أكثر عنها. وبعدها مسلسل (يوسف الصدّيق) الذي ايضاً جعلني ابحث في الروايات المختلفة عن نبيّ الله يوسف لدرجة من كثر قراءتي لسورة يوسف رايته في منامي!!
بالرغم من متابعتي للمسلسلات الايرانية المذكورة إلا انه لم يخالجني شعوراً يوما ما ان اصحاب الكهف الحقيقين أو السيدة مريم أو النبي يوسف هم شبيهين بالممثلين الذي ابدعوا في تلك الادوار .. وحتى لم يثبت في مخيلتي بأن قصصهم هي بالضبط ما تم تمثيله في المسلسلات ..ولكن يكفينا بأن ذلك الفن الراقي جداُ يذكرنا بتلك القصص والامجاد الاسلامية في التاريخ . الجميل بأنه لم تكن هناك معارضات عارمة – إلا قليل- تمانع من تمثيل تلك الشخصيات في مسلسلات تليفزيونية ولو ان تلك المعارضات كانت تميل الى الطابع المذهبي أكثر من أي شيء آخر.
افتتحنا رمضان هذا العام بتلك الضجة الاعلامية الموجهة لمنعنا من متابعة مسلسل (عمر بن الخطاب) في وقت نحن بحاجة لنبش ذلك التاريخ والسيرة الطيبة لنبينا عليه أفضل الصلاة و السلام وخلفائه الراشدين بعد الربيع العربي وخصوصا سيرة الفاروق المشرفة التي تجمع الحكمة والعدالة والقوة والتواضع .. ولكن يبدو ان هناك من يريد ان يجمد العقول ويبعدها عن التاريخ الاسلامي ويجعلها تسبح في وحل المسلسلات الهابطة سواءً ما انتجت في بلداننا العربية أو ما استوردت من تركيا وغيرها..
استغرب شخصياً هذا الادعاء بالغيرة الاسلامية وإن كانت هناك احاديث أو أراء من بعض العلماء بالتحفظ من تمثيل شخصيات الانبياء والصحابة .. ولكن بالله عليكم أيهما أضر على الامة وأخلاق افرادها. هل تمثيل شخصية عمر وعرض صفاته وسياسته وحنكته وعدله أضر على المشاهد من تمثيل ممارسة زنا المحارم والتعاطف مع فاعل تلك الفاحشة العظمى لأنه بطل المسلسل ولأنه وسيم وطيب القلب من جهة أخرى!!!! 
تباً لكم يا من يحمل أمانة العلم اذا كانت هذه هي أساليبكم المستترة المتعاملة مع الانظمة التي تريد الانحطاط لهذه الامة من كل باب. يكفي التلاعب بالعواطف وجرّها لمسالك يستفيد منها الاعداء.. أم أنكم لا تقراؤن  ما يحيط بالامة وواقعها .. أموال تشحت من جيوب العامة بحجة زلزال أو مجاعة أو انتشار وباء مزعوم وكلها أمور مستترة لتحمل تلك الاموال الى حسابات الله أعلم بها .. ولو كان صحيحاً لرأينا التغيير على أصحاب العلاقة التي من أجلهم جمعت تلك التبرعات.
كفاكم تلاعب بالعقول وحجبها من التفكير بحجج تسوقونها بذكاء والتلاعب بالمشاعر بأسم الدين لإرضاء منظمات تريد تفكيك الامة وإبعادها عن تأريخها ومجدها وغمسها في وحل الضياع .
سؤالي الاخير لكم أيها المطاوعة الكرام.. هل يجوز تمثيل الانبياء والصحابة بطريقة الرسوم المتحركة للأطفال؟ أو بطريقة الصلصال ؟ أو بالبرامج الكمبيوترية المختلفة؟ هل يجوز ان تكتب سيرتهم العطرة على اوراق مستوردة من بلاد الكفر؟ وبأقلام مستورة من بلاد الكفر؟ وهل يجوز طبع المصاحف بمكائن صنعت في بلاد الكفر؟!!
أظنني انهي المقال بأنه لا تضيع أمةٌ إلا بجهل وتعصب علمائها وفساد قادتها.
دمتم بصفاء الذهن.