السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحبا بكم في مدونة - ديمومة- أدام الله عليكم الصحة والسعادة والسلام


ملاحظة: يمنع نسخ أو اقتباس أي مادة من هذه المدونة بدون إذن صاحبها





الأربعاء، 23 يناير 2013

طرائف تعليقات الواتساب


ظاهرة التعليقات الفكاهية والتي تصل في كثير من الاحيان الى السخافة والتفاهه  ليست بجديدة على المجتمعات ، ولكن ما يبرزها ويجعلها أكثر انتشاراً في وقتنا الحاضر هي وسائل الاتصال الحديثة .. فبمجرد إطلاق تعليق واحد على حادثه ما .. يتبعها في دقائق معدودة العشرات من التعليقات مزودة بالصور التعبيرية  ولمسات من الابداع في طريقة عرض النكته .. وهكذا تتطور وتتطور لتكون في ساعات معدودة حديث الجميع وصداها يرتد هنا وهناك .. وبشكل تلقائي ربما تبدأ عندها الردود المؤيدة والمضاده .. وتزداد على إثرها الضغينه والاحقاد والتفاهات الى درجة اللا إحتمال!

لا أجد تفسيراً علمياً لهكذا ظاهرة .. هل هي نتاج الفراغ؟ .. أي عدم وجود عمل يقوم به الفرد ليعود عليه بالفائدة أو ربما إهمال اعمال أخرى كان من المفروض القيام بها .. ومعلوم بأن النفس غالباً ما تميل الى اللاعمل والركود في الملل !   .. ام هل هو الفراغ الفكري والعوز الثقافي؟ .. فينعدم على إثرها تنظيم الوقت .. حيث لا وقت للتعلم .. و لا فكر يقود الشخص لإبراز إتجاهاته وشخصيته بقالب متين مبني على أسس ثابته قادرٌ من خلالها الفرد أن يقف امام كل ما ينافي آدابه وأخلاقه ومبادئه..   أم ان الاخلاق والآداب قد تقلصت في زماننا هذا  وأصبحت غريبة ولا تكاد تخرج من بين الكلمات المسطرّة في الكتب والمقالات !!

ما نراه اليوم من تعليقات على الاحداث غالباً ما يصل الى التفاهه ويقود الى نتائج ربما لا ينتبه لها (المعلّق) ولا يأخذها مأخذ الجد وذلك لجهله ومحدودية  تفكيره وسطحية نظرته الى الامور.. الامر الذي قد يقود ما اقترفه الى مسالك متشعبّه تصل به الى الفتنه والعياذ بالله .. (والفتنة أشد من القتل).

هذا اذا ما اعتبرنا ان مجمل هذه الاحداث  تحدث هكذا!! .. عشوائية .. بريئة .. بدون تخطيط .. وبدون هدف .. فقط مجرد فقاعة فتكبر وتكبر وما تلبث الى أن تنفجر ..فأما نتائجها تكون سلبية .. وأما كالسراب  وينتهي الامر.

أما إن نظرنا إلى هذا الموضوع من زاوية أخرى .. زاوية (المفتش) التي تقودنا  الى التفكير في صلب هذه الظواهر .. وتدفعنا الى طرح الكثير من التساؤلات عن ماهيتها .. كيف منبعها ؟ .. توقيتها؟ .. ربطها مع الاحداث .. كيف تبدأ وكيف تنتهي؟ .. ومن أتباعها والمسوّق لها؟ .. من المستهدف؟ .. وهل لها علاقة بالسياسة أو الثقافة أو الاقتصاد أو العقيدة؟ .. وهل لها أثرٌ وبُعد – ربما يكون مخفي – ليؤثر في زرع سلوكيات معينه ومدروسة في المجتمع؟ ... وما علاقتها بالحياة الاجتماعية وعلاقات الناس ببعضها؟ .. وهل من ورائها نبش لقضايا بائسة  كانت قد ركدت وسنحت الفرصة الآن لإظهارها وعودتها؟ .. ولماذا؟ .. أم انها دراسات محضّرة مسبقاً لتقييم المجتمع ومستوى وعيه .. ومعرفة اتجاهاته .. والفئة العمرية المحركة فيه .. وردود الافعال العامة .. واستنباط مدى تأثير المارد الاعلامي والاشاعات في القطيع .. وقياس المخاطر للاحتساب لها .. ووووو الخ

كثيرة هي الاسئلة .. ومع تدفقها يتسع لنا الافق للنظر في مثل هذه الاحداث التي باتت تشكل تساؤلاً ملحاً .. لماذا الآن؟ ولماذا هذا التتابع المُلفت؟ .. هل هو صدفه؟؟؟

من يتابع التاريخ .. ويستهوي تحليله والوقوف على جزئياته .. لا أعتقد انه سيسلم الامر الى الصدفة ؟! فعقله التحليلي سيظل لاهثاً في البحث عن الحقيقة ..

كما تتدفق الاسئلة من جانب .. يأتي ايضاً سيل من الاجابات من جانب آخر ..التي هي أيضاً بحاجة الى تنسيق والتبحّر فيها ونقاشها للنظر في مدى تطابقها مع الواقع

فقد يكون الغرض منها إشغال المجتمع بقضايا تلهيه عن التفكير!! .. تلهيه عن البحث!! .. تغمسه في وحل حياته اليومية .. تشغله بالآخر بدل الانشغال بذاته .. تسوقه لسلوكيات مقصودة يقوم من خلالها بغمس المستور في ابناءه .. لينشأ جيل كأحجار الشطرنج!! .. أو ربما أشياء أخرى اكثر عمقاً مما ذكرت.

مواضيع كهذه قد تستهلك الكثير من طاقات تفكيرنا .. وتزداد تعقيداً لو حاولنا فهمها بطريقة القبعات المتعددة .. بعضهم يسميها القبعات الست .. أي نضع انفسنا في عدة انماط من التفكير السائدة في البشر .. ولا نكتفي بنمط وروتين تفكيرنا الشخصي المعتاد .. لذلك دعونا نختم الموضوع بالخروج من حلقة هذا التفكير الذي قد يعتبره البعض بأنه محفزّانتكاسي و مجلبه للهالة السالبة التي تجعل من الانسان سلبي النظر، سلبي التفكير وسلبي الطرح .. يسبح في مرتع  من الخيال والتصورات الخاطئة التي يرسمها له شيطانه .. لكي لا يرى إلا اللون الأسود والشاحب ويفقده الأمل في التغيير.. وللشعور بالوجود يبدأ بالاسقاطات ..التي غالباً ما تُرمى على الانظمة القيادية العليا..كونها المناطة بالقرار..ومسؤولياتها الجسيمة في حفظ الامن واستقرار المجتمع في كل نواحي الحياة.

ولنكون إيجابيين مثلاً .. ماذا لو اعتقدنا جزماً .. ان هذا النوع من الشائعات والنكت والتعليقات .. هي نقاهة.. وفرصة لترسم الابتسامة على الوجوه الشاحبة .. التي أهلكتها متاعب الحياة .. وقلة ما في اليد .. تخرج الضحكة المفقودة  من تلك الافواه .. التي اقفلتها الديون البنكية .. وغلاء المعيشة مقارنه بالدخل البائس ومتطلبات الحياة العصرية .. تلك الابتسامات التي ما ان ينتهي منها الفرد حتى يراجع نفسه هل هو فعلاً من ابتسم وهل هو فعلاً من قهقه من هذا التعليق او تلك الصورة أو تلك العبارة أم ان روحاً أخرى تسكن جسده .. تحاول ان تخفف عنه معاناته وتبعث اليه الأمل .. حيث ان الابتسامة في البائس أشبه بسحابة الصيف!!

في الحقيقة .. كثرة وتشابك مشكلات الحياة وهمومها ...تقود الشخص في أحياناً كثيرة الى حالة من الضعف والاستسلام الى الواقع ..سواءاً كان الى هذا الواقع يقوده الى الافضل والخروج من مأزقه أو أن هذا الواقع يقوده الى الاسوء .. وغالباً ما يكون الاحتمال الثاني هو الأبرز .. فتجد هذا الشخص المهزوم  تقوده أوضاعه الردئية الى عدم الاكتراث بالنتائج .. وفقدان الأمل للتصحيح .. فيترك الامور تسير هكذا .. فالمخطئ يستمر في خطئه ..والمديون يستمر في دينه والمظلوم يستمر على حاله .. والسفينه تسير .. وما هذه السخافات والرسائل (الواتسابية) إلا خروج مؤقت ولو للحظات من تلك الحالة المضنية .. تهب ذلك المخلوق الضعيف ابتسامة .. وأي ابتسامة .. وآه من تلك الابتسامة .. لا نعرف نحن تفسيرها .. فبداخلها طلاسم مبهمه كتبت بكل لغات المتقين والمغضوب عليهم والضالين!!.

جمال العبري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق