التاسع من
شهر أغسطس لهذا العام 2020م لم يكن يوماً عادياً بالنسبة لي. فمنذ الصباح بدأت الاحساس بشعور من عدم الارتياح نفسياً
وجسدياً وكأنيي على موعد مع وعكة صحية قادمة. تطور الامر مع وقت العصر الى بدايات الحمى
التي كانت على أجزاء متفرقة من جسمي. تحت الابطين، عند الرقبة وكذلك عند الاقدام!!
شككت في الامر وانعزلت في غرفة خوفاً من ان القادم هو فيروس كرونا المستجد. وما ان
انتصف الليل حتى انتشرت الحمى في كل جسمي وبدأ تأثيرها يزداد شيئا فشيئاً بحرارة
شديدة تارة وبرودة شديدة تارة أخرى. خر على إثرها جسدي بكل ما فيه من عظام وعضلات
واعصاب وبت كالكهل المريض الذي لا يقوى على الحركة.
جاء صباح
اليوم التالي وقد دخلت مرحلة من الانهاك الشديد مع استمرار الحمى التي استمرت الى
خمسة أيام أخرى. لم يقوى جهاز المناعة إلا ان يسقط اثناء تلك المدة باحثا عن
المستحيل لمقاومة ذلك الفيروس المدجج بأسلحة غير معهودة لأجهزة المناعة. في اليوم
الثالث تقريبا كان الاتصال الهاتفي من المستشفى يؤكد إصابتي بالفيروس.
بعد الخمسة
الأيام الأولى وفي اليوم السادس تحديداً بدأ الامر في تحسن، حيث بدأت الحمى في
الهدوء التدريجي ولكن ظهر شيء غريب.. أحسست بفقاعات داخل جسمي تنتقل من مكان الى
آخر وقرصات في الصدر! وكأن شيء ما يتفحص ويبحث في داخل جسمي عن ضالة له!!
جاء الليل
وانكشف الغطاء.. ما تلك القرصات والفقاعات إلا هدنة والتهيئة للمرحلة القادمة..
ظهرت الاعراض الجديدة كحة والم في البطن مع فقدان الشهية والطعم المر للماء!! مرت
ثلاث أيام لم اشتهي أي شيء، صيام شبة متواصل أنهك جسمي تماما وبت في حالة يرثى
لها، تم نقلي على إثرها الى المستشفى، الذين لم يقدموا لي شيئا. من انتظار الى
انتظار ومن ثم نصحوني بأخذ البندول!! مع
العلم بأنني استخدم البندول باستمرار منذ اليوم الأول ولم يجدي نفعا. فطلبت منهم
دواء آخر، فأجابتني الدكتورة بانه لا يوجد علاج وخيرتني ان كنت اريد حقنة قاتل
الألم عن طريق الوريد فأجبتها بنعم طبعا.
كان لهذا
العلاج اليتم بعض التحسن والتخفيف من وطئه الألم، عدت للمنزل واستمريت على شراب
الأعشاب كالزنجبيل والريحان والليمون وكذلك شرب العسل الطبيعي وعسل المانوكا
النيوزلندي. كله على امل بالخروج من تلك الحالة الكئيبة.
في اليوم
العاشر كان الاكتئاب سيد الموقف، عقل شارد، جسم منهك، وشوشة في النظر، انعدام
الرغبة في أي شيء.. حتى فتح تطبيقات الهاتف أصبحت مملة وكئيبة. استمر هذا الحال
ليومين وبدأ في الانحسار في اليوم الثالث سريعا وعودة الجسم الى بعض الحيوية وتحسن
في الشهية للأكل.
أكملت
اليوم الرابع عشر وكان الامر في تحسن مستمر ويفترض ان يباح لي بالخروج في اليوم
الخامس عشر حسب بروتوكول وزارة الصحة ولكن فضلت المواصلة الى الاطمئنان الكامل.
والحمد لله مع اليوم السابع عشر بدأت بالخروج وكأنني خرجت من معتقل او سجن مع
الاعمال الشاقة الى الحرية ورحابة الحياة.
بالفعل كورونا
ليس بالهين، خصوصا وأنه لا دواء له حتى الآن في المستشفيات. فتك هذا المرض بالكثير
من الناس. منهم كبار السن ومنهم الشباب ومنهم الأطفال أيضا. أما من أصيب وشفي منه
فقد كتبت له حياة جديدة. نسأل الله أن يشفي كل مريض وأن يحمي كل من لم يصبه وأن يرفع
الله هذا المرض قريبا بأذنه تعالى. أنه سميع مجيب الدعاء.
حفظكم الله
جمال
العبري